مركز سرطان الاطفال احتفل للمرة الأولى بعد غياب عامين بحصول 16 من مرضاه على الشهادات الرسمية
نظم مركز سرطان الأطفال في لبنان مساء الأربعاء في قاعة عصام فارس في المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت (AUBMC) احتفال “مسار الفرح” Path of Joy التاسع (الأول بعد غياب عامين بسبب جائحة كوفيد-19 والظروف التي يشهدها لبنان) برعاية شركة “بيبسيكو”، وُزع خلاله الشهادات على 16 تلميذاً ممن يتابعون أو أنهوا علاجهم في المركز، نجحوا في إمتحانات الشهادة المتوسطة (البريفيه) والثانوية العامة (البكالوريا) لسنة 2022.
وحضر الاحتفال وزير التربية والتعليم العالي القاضي عبّاس الحلبي ، ورئيس الجامعة الاميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري، وممثلو المركز الطبي للجامعة الأميركية وبعض الجامعات، ورئيس مجلس أمناء ورئيس الهيئة التنفيذية لجمعية مركز سرطان الأطفال في لبنان الدكتور سيزار باسيم، وأعضاء مجلس أمناء المركز، والمديرة العامة للمركز هنا الشعاّر شعيب، وعدد من الأطباء في مقدّمهم المدير الطبي الدكتور ميغيل عبود، وممثّلة شركة “بيبسيكو” ريم عبد النور المدير المالي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، وأعضاء الهيئة التمريضية وفريق عمل مركز سرطان الأطفال في لبنان، إضافة إلى الخريجين وذويهم.
وشمل برنامج الاحتفال اغنيات وقصائد ولوحات راقصة وتمثيلية قدمها أطفال المركز ، كذلك أقيم على هامش الاحتفال معرض لرسوم أطفال المركز يعبرون من خلالها على ما يمرون به خلال سنين العلاج.
الحلبي
وقال الحلبي في كلمته خلال الاحتفال: “عشت فرحاً كبيراً عندما اتيت لمراقبة الامتحانات برفقة رئيس مجلس الوزراء وشاهدت بأم العين الابطال يقدمون امتحانات رسمية”. واضاف: “عَمِلنا بعكس السير، فالبلد مليء بالسلبيات وتهبيط الحيطان، إذ قيل إن المدارس لن تفتح ففتحناها، وإن الأساتذة لن يكملوا فأكملوا، وإن الامتحانات لن تحصل فأجريناها، وقيل لن يراقبوا فراقبنا، ولن يصححوا فصححنا، ولن يعلنوا النتائج فأعلناها”.
وتابع: “مبروك للأبطال الذين استطاعوا رغم كل الظروف أن يحققوا النجاح…”
واعتبر أن “عمل مركز سرطان الاطفال عملُ خير وعملٌ مقدس واجتماعي من الدرجة الاولى ورعائي”.
خوري
أما رئيس الجامعة الأميركية الدكتور فضلو خوري فوجّه في كلمته المقتضبة تحية إلى “التلاميذ الشجعان”، معتبرا أنهم “أمثولة في الشجاعة والمثابرة والقدرة على المقاومة والرغبة في التقدم في الحياة”.
باسيم
وهنأ باسيم الخرّيجين واصفاً إياهم بأنهم “فخر للمركز وأبطال”، ودعاهم إلى المثابرة وإبقاء الأمل مرافقاً لكل خطواتهم، مشدداً على أن “للعلم والمعرفة الأولوية في المركز نظراً إلى كونهما من أقوى المؤهلات التي تساعد الإنسان على مواجهة مصاعب الحياة”.
واعتبر أن “لهذا الاحتفال (…) طابعاً خاصاً اذ يصادف مرور 20 سنة على تأسيس المركز”، أظهر فيها “الإلتزام بالمهمة والعطاء ونشر الأمل، والعمل لانقاذ حياة الأطفال والمراهقين”.
وقال: “القصة بدات مع مطلع هذا القرن، عندما اتحدت مجموعة نشيطة ومتطوعة من الخبراء وفاعلي الخير لدعم الأطفال المصابين بالسرطان في لبنان، وتبنّت قضيتهم، (…) إذ أن الصعوبات التي تلحق بالطفل المصاب بالسرطان وبعائلته هائلة، ولا يمكنهم تحملها بمفردهم. لذلك، أنشأنا مركز سرطان الأطفال في لبنان الذي افتتح في 12 نيسان 2002: لمعالجة ودعم جميع الأطفال والمراهقين المصابين بالسرطان في لبنان من دون أي كلفة على أهلهم، بالتعاون الوثيق مع المركز الطبي للجامعة الاميركية ومشاركة ودعم من مستشفى سانت جود الطبي في الولايات المتحدة”.
وأوضح أن “مجموع الاطفال الذين عالجهم المركز منذ تأسيسه بلغ ثلاثة آلاف، فيما بلغ عدد الفحوص التشخيصية والمعاينات ستة آلاف”، مشيراً إلى أن “حجم الفاتورة الاستشفائية شاملة التشخيص والعلاج لهؤلاء الاطفال خلال الأعوام العشرين بلغ نحو 200 مليون دولار”.
وقال: “نؤمن العلاج التام لأكثر من 50 في المئة من الاطفال المصابين بالسرطان في لبنان، ودَعْمنا شمل تغطية العلاجات الطبية والفحوص التشخيصية والإستشارات الطبية وتأمين وتغطية الأدوية وخصوصاً مع ازمة نقص الادوية خلال الثلاث السنوات الماضية”.
وابرزَ أن “معدل الشفاء للأطفال بلغ 80 في المئة”، مشيراً إلى أن “التعاون مع عشر مستشفيات في المناطق كافة وخصوصاً بعد انفجار مرفأ بيروت أتاح تأمين العلاج لمئتي طفل اضافي في السنة طبعا، اضافة الى المركز الأساسي الذي يعالج 300 طفل وبميزانية سنوية قدرها نحو 12 مليون دولار”. واضاف: “من أهمّ ميزات مركزنا عدم التفرقة، إذ نستقبل الأطفال بهدف واحد هو إعطاؤهم فرصة جديدة في هذه الحياة”.
وأوضح أن إيمان المركز “بحقوق الطفل في الرعاية الصحية والاندماج الاجتماعي والتعليم”، دفعه إلى “تعزيز برامج الرعاية الشاملة للمرضى، ومنها برنامج الرعاية النفسية الذي يقدّم جلسات يومية من الموسيقى والرسم واليوغا والتنفّس للترفيه والراحة خلال العلاج، والبرنامج التعليمي الخاص بالتعاون مع وزارة التربية لتأمين استمرارية التعليم للأطفال خلال العلاج وتقديم الإمتحانات الرسمية في المركز، وبرنامج الإندماج الإجتماعي للناجين من خلال “الحلقة الذهبية” أو “Champions’ Circle” الذي يوفر برامج تثقيفية ورياضية واجتماعية لتعزيز العلاقات الأنسانية” في ما بينهم.
وشكر باسيم لوزارة التربية والتعليم العالي “إعطاءها الفرصة لأولاد المركز لتقديم الإمتحانات الرسمية فيه“، مذكّراً بشراكته “مع وزارة الصحة العامّة التي يتمّ التنسيق معها بشكل مستمرّ لما فيه مصلحة الأطفال المرضى“. كذلك شكر لوزارة الشؤون الإجتماعية “دعمها الدائم لمرض المركز واهتمامها بالناحية النفسية والإجتماعية“، وللاعلام مساهمتهم في تمكين المركز من “تأمين الاستمرار لتحقيق اهدافه”. وكذلك اشاد بـ”الدعم الدائم” من شركة “بيبسيكو”.
عبد النور
أما ممثّلة “بيبسيكو” ريم عبد النور فأعربت عن سرور الشركة بمشاركة الخريجين “فرحتهم المضاعفة، هم الذين يجتازون اختباراً صحياً قد يكون الأصعب”. وذكّرت بأن “مسار الفرح” هو “ثمرة تعاون وشراكة بين بيبسيكو ومركز سرطان الأطفال منذ 2013″، وهو ” مشهد مفعم بالأمل والمحبّة”. وأضافت: “نحتفل هذه السنة بـ16 تلميذا (…) يتمتعون بقوة عظيمة، ثابروا وبرهنوا أن لا شيء يحول دون نجاحهم او يمنعهم من المضيّ قدما في تحقيق طموحاتهم وأحلامهم”. واعتبرت أن الخرّيجين “نموذج للتحدي والإرادة الصلبة”، مشيرة إلى أنهم “متعددو المواهب”، إذ “بالإضافة إلى الدراسة، عملوا على تطوير مواهبهم كالرقص والرسم والتمثيل والغناء والعزف على الآلات الموسيقية”. واشارت إلى أن “بيبسيكو” أطلقت عام 2012 برنامجها للتعليم، فعملت “على دمج التعليم والترفيه في غرفة بيبسيكو داخل المركز لأن تكامل التعليم والترفيه عنوان اساسي في التربية الحديثة”.
عبود
وألقى المدير الطبي لمركز سرطان الأطفال الدكتور ميغيل عبود كلمة هنّأ فيها الخرّيجين، واصفاً إياهم بأنهم “البداية والنهاية” في نجاحهم. واضاف: “إنهم أكبر اثبات على اننا في هذا البلد مستمرون مهما كانت المصاعب”. وذكّر بأن “المركز تأسس سنة 2002 وأطلق برنامج التعليم سنة 2004″.
غرز الدين
وكانت كلمة باسم “الحلقة الذهبية” (Champions’ Circle ) ألقتها آية غرزالدين التي إنتصرت على المرض بعدما شُخّصَت إصابتها به عام 2019. وقالت: “كنت أعتقد أن السرطان يعني نهاية، يعني وجعاً وفي النهاية موتاً. لكننا لم نشعر في أي وقت بأننا ضعفاء، وبأننا نريد أن
نستسلم او نخسر”. وأضافت: “صحيح أننا خفنا ، لكننا قاومنا وحاربنا بإيماننا وأملنا والحب الذي كان يحيط بنا”. واشارت إلى أن هذا الحب وفره لها، بالإضافة إلى بيتها الصغير، أي عائلتها، وبيتها “الأكبر” المؤلف من أقاربها واصدقائها، بيتها “الأعظم”، وهو مركز سرطان الأطفال. وتابعت: “لم يتوقف المركز عن مساعدتي في ما يتعلق بتكلفة العلاج الباهظة (…) وكان يؤمن لي الدعم المعنوي”. قالت: “لم أدَع السرطان يضيّع احلامي، بل بالعكس زاد اصراري على الحياة، ونجحت بجدارة” في امتحان الشهادة المتوسطة في بداية علاجها ثم في الثانوية العامة بعدما انتصرت على المرض. وهنأت “كل الأبطال الخريجين اليوم، لأننا لم نستسلم رغم الوجع والتعب، بل رفعنا راس أهلنا بنجاحنا وقوتنا”