العدد الرابع من مجلة “الحمى”: حماية الطيور المهاجرة ومناطق مخصصة للصيد
صدر العدد الرابع من مجلة “الحمى” عن جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL)، وموضوعه الرئيسي حماية الطيور المهاجرة وتخصيص مناطق للصيد المستدام، وذلك بالتزامن مع هجرة الخريف. ويقع لبنان على أحد أهم مسارات هجرة الطيور في العالم، إذ تعبر فوقه بالملايين كل ربيع وخريف ذهاباً وإياباً بين أوروبا وغرب آسيا وجنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، والعديد منها أنواع مهددة بالانقراض أو بانخفاض كبير في أعدادها.
وجاء في افتتاحية العدد بقلم المدير العام للجمعية أسعد سرحال: “يتم إطلاق النار بشكل غير قانوني على نحو 2.6 مليون طائر فوق لبنان كل عام، وفقاً لما وثّقته جمعية حماية الطبيعة في لبنان ومنظمة بيردلايف إنترناشونال، اللتان تعملان معاً منذ أربعة عقود للحد من إبادة الطيور وتدمير الموائل في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط”. وأشار إلى تأثير الحروب والنزاعات المسلحة والنزوح والتوترات على البنية الاجتماعية والاقتصادية، والضغوط التي يفرضها كل ذلك على الموارد الطبيعية والحياة البرية المتوطنة والمهاجرة.
أضاف سرحال: “منذ بضع سنوات تعمل SPNL على الترويج لمفهوم مناطق الصيد المسؤول. كما أنشأت وحدة مكافحة الصيد الجائر بالتعاون مع مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام ومنظمة CABS الدولية، وبدعم مباشر من البلديات والوزارات وقوى الأمن. وقمنا بتأسيس 33 حمى (مناطق محمية) في جميع أنحاء لبنان تشكل أكثر من 6 في المئة من مساحة البلاد وتمثل أهم مناطق الطيور والتنوع البيولوجي. ويمكن أن تشكل مناطق الصيد المسؤول إضافة قيّمة، مما يمكّن لبنان من تحقيق هدف تصنيف 30 في المئة من مساحته كمواقع محمية بحلول سنة 2030، وفقاً لمقررات الاتفاقية العالمية للتنوع البيولوجي”.
وفي مقال خاص، أشار ممثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمدير الاقليمي لغرب آسيا سامي ديماسي إلى أن “لبنان أصبح نقطة ساخنة رئيسية للقتل غير المشروع للطيور ورابع أخطر دولة في البحر المتوسط من حيث عدد الطيور المقتولة”. وقد عقد البرنامج ووزارة البيئة اجتماعاً بهذا الشأن شاركت فيه منظمات ووزارات وهيئات معنية واتفاقيات بيئية متعددة الأطراف. وأوصى بوضع خريطة طريق وطنية شاملة لمعالجة القتل غير المشروع للطيور المهاجرة وأسرها والمتاجرة بها، وتعزيز التنسيق مع الدوائر الحكومية والوزارات والمحميات والمنظمات والمواطنين، وتثقيف الأطفال والمجتمعات المحلية حول أهمية الطيور المهاجرة، وبناء القدرات للإبلاغ عن أنشطة الصيد غير المشروع والصيد الجائر ومراقبتها، مع التنفيذ الصارم للقوانين واللوائح وخاصة في النقاط الساخنة الرئيسية خلال موسم الهجرة.
يصدر هذا العدد من “الحمى” بالشراكة مع منظمة CABS الدولية المختصّة بعمليات ردع الصيد الجائر والتحقيق في النقاط الساخنة للصيد غير المشروع، ومكافحة شبكات الاتجار بالطيور البرية وتقديم المشورة المتخصصة للجمارك والهيئات الحكومية المختصة. وفيه مجموعة قصص نجاح عن عمليات المنظمة في لبنان وقبرص واليونان ومالطا وإيطاليا وفرنسا وإسبانبا وغيرها.
ويضيء العدد على حِمى عنجر في البقاع، الذي يمثل نموذجاً للتناغم بين حماية التراث الثقافي وصون الطبيعة في لبنان والشرق الأوسط. وهو يقوم على مفهوم الحمى العربي التقليدي للمناطق المحمية المجتمعية التي أحيتها جمعية حماية الطبيعة في لبنان. وتضم بلدة عنجر قلعة أموية صنفتها اليونسكو موقعاً للتراث العالمي، وأراضي رطبة باتت ملاذاً لأنواع مهددة بالانقراض، ويتميز حماها الذي أسسته SPNL مع البلدية بإدارة قائمة على المجتمع المحلي.
ومن المواضيع الأخرى في العدد: المناطق المهمة للطيور والتنوع البيولوجي في لبنان، نادي الطيور النادرة، حملة التجمع اللبناني للبيئة لإنشاء شبكة مناطق بحرية محمية، أزمة تدهور الموائل في غرب آسيا، جرائم الحياة البرية، أنفه قرية الصيادين، شملان القرية الحِمى، مشروع UN-HABITAT لإعادة الحياة إلى نهر بيروت، حماية السلاحف البحرية في حوض البحر المتوسط، عودة فقمة الراهب، المحميات ومكافحة تغير المناخ: السعودية نموذجاً، المشترك والمفترق بين المحمية والحمى، أبطال من لبنان يغزون أعلى قمة في أوروبا، سوق الحمى.
وقالت رئيسة تحرير مجلة “الحمى” راغدة حداد: “يصدر هذا العدد في معمعة القصف والحرق والتهجير. وهذا ليس بعجيب، فأهل لبنان في أحلك الظروف لم يفقدوا الأمل، ولا هم انكفأوا يائسين ما دام في عروقهم نبض. وجمعية حماية الطبيعة في لبنان لم تتوقف عن العمل لحظة، لا في مساعدة إخوتنا النازحين ولا في متابعة برنامج عملها البيئي والتنموي. فلكل شيء نهاية، وعندما تنحسر الأحداث العاصفة بلبنان ستبقى أرضه ملاذاً لأهله، ومواردها مصدراً لأرزاقهم. وستبقى SPNL رائدة في حماية الطبيعة وأحيائها وتحسين سبل عيش المجتمعات المحلية، بهمّة فريقها المتعدد الاختصاصات، وحُماة الحمى، وبالتعاون مع البلديات والشركاء المحليين والإقليميين والدوليين”.