8 نوفمبر، 2024

السياسة الصناعية والتحديث الاقتصادي بقلم وزير المالية الاردني الأسبق د محمد أبو حمور

السياسة الصناعية والتحديث الاقتصادي بقلم وزير المالية الاردني الأسبق د محمد أبو حمور

بقلم وزير المالية الاردني الأسبق د محمد أبو حمور

يؤدي القطاع الصناعي دوراً محورياً في الاقتصاد الوطني، فهو يساهم في رفع مستوى التنمية الاقتصادية ويشكل أحد أهم المشغلين للقوى العاملة الأردنية هذا بالإضافة الى مساهمته الأساسية في التصدير وتخفيض عجز الميزان التجاري ودعم الاحتياطيات من العملات الاجنبية.

ومن هنا كان لا بد من العمل على تحسين أداء هذا القطاع وفق منهجية قائمة على التعاون والتنسيق بين القطاعين العام والخاص وبما يضمن الاستثمار الأمثل للمزايا النسبية ويحسن التنافسية الداخلية والخارجية عبر حزمة من السياسات الفاعلة والكفؤة التي تساهم في تنويع وتطوير الصناعات الوطنية وتعمق ترابطاتها لنتمكن من تأمين أكبر قدر ممكن من تلبية احتياجات المواطنين والتمكن من النفاد للأسواق التصديرية بفعالية.

وهذا يمكن تحقيقه عبر تبني سياسة صناعية تساهم في وضع الاليات والبرامج التي تحفز الصناعات الوطنية وتعمل على التصدي للتحديات والصعوبات التي تواجهها في اطار شمولي وفهم دقيق للمتطلبات والامكانيات الكفيلة بالتعامل مع سائر الظروف والقادرة على توفير الأدوات المناسبة لمختلف التطورات.

أكدت رؤية التحديث الاقتصادي الأهمية الاستثنائية التي يحظى بها القطاع الصناعي وأشارت ضمن محركات النمو الاقتصادي الثمانية الى أن الصناعات عالية القيمة تعد قطاعاً أساسيا لتوليد فرص العمل وتحفيز النمو الاقتصادي لذلك من الضروري إيلاء اهتمام خاص لبناء سلاسل القيمة المتكاملة وحفز الإنتاجية والابتكار وصولا الى بناء مركز صناعي ومصدر للمنتجات ذات الجودة العالية القادرة على المنافسة وولوج الأسواق العالمية.

لذلك من المهم أن تتوفر لدينا رؤية واضحة حول كيفية تحقيق هذه الأهداف عبر البناء على المنجزات التي تحققت خلال السنوات الماضية من خلال تحسين أداء المنشآت القائمة والمساهمة في انشاء وإقامة مشاريع استثمارية جديدة توفر التكامل والترابط في سلاسل الإنتاج وتتيح مزيداً من النمو والازدهار للقطاعات الاقتصادية الأخرى.

ووفقاً لما هو منشور فهناك حالياً بعض الجهود التي تبذل لصياغة سياسة صناعية تنسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي وتساهم في تحقيق أهدافها وذلك من خلال تحديث السياسة الصناعية السابقة والتي امتدت حتى عام 2021 .

ومن المهم في هذا الاطار الإشارة الى انه ومن الضرورة بمكان اجراء دراسة تقييمية لما تم تنفيذه خلال السنوات الماضية في اطار هذه السياسة، ولا شك بان المراجعة والتقييم خطوة ضرورية لبيان جوانب القوة والضعف بغرض الاستفادة منها خلال الخطوات اللاحقة، كما أنها أيضاً أداة للمحاسبة وتحديد المسؤوليات ولعل هذا هو السبيل لضمان المضي قدماً بخطوات ثابتة نحو تحقيق المنجزات على أرض الواقع عبر السياسات القابلة للتنفيذ المستجيبة للظروف الموضوعية والمدعومة بتشريعات ومؤسسات قادرة على الفعل والانجاز.

تشكل السياسة الصناعية جزءً هاماً من استراتيجية التنمية الاقتصادية وتعتبر احدى مكونات الجهود الرسمية التي تعمل على هيكلة الاقتصاد عبر تقديم حوافز وتطوير البنية التحتية ودعم البحث والتطوير وتحسين بيئة الاعمال بغرض تشجيع وتحفيز صناعات معينة وذات أهمية نظراً لمساهمتها في تحفيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل وتحقيق اكتفاء ذاتي وزيادة الصادرات ومن المفهوم أن دولة مثل الأردن تعاني ارتفاع أعباء المديونية والعجز المزمن في الموازنة العامة وترتبط باتفاقيات تجارية مع العديد من دول العالم قد لا تكون قادرة على تقديم الدعم المباشر للصناعة، الا أن هذا لا يعني التراخي في توفير الظروف الملائمة والمتطلبات اللازمة لتنمية الصناعات الوطنية فهناك الكثير مما يمكن القيام به لتخفيض كلف الإنتاج ورفع تنافسية السلع الأردنية وتحسين البيئة الاستثمارية وتقليص الإجراءات البيروقراطية مع الاستخدام الأفضل للموارد المتاحة وتوجيهها نحو الأولويات .

الارتباط الوثيق بين رؤية التحديث الاقتصادي والقطاع الصناعي يتطلب العمل على صياغة سياسة صناعية تساهم في تطوير وتحفيز هذا القطاع والاستجابة لما قد يشهده من تطورات ورفع تنافسيته التي تشكل حلقة رئيسية في تحقيق تنمية صناعية تؤمن سلعاً أساسية للسوق المحلي وتولد فرص عمل وترفع من مستوى معيشة المواطنين، ومن المهم أن يتم رسم السياسة الصناعية بالشراكة والتعاون الوثيق بين القطاعين العام والخاص مع الحرص على توفير آليات التفيذ والتقييم والمساءلة والمحاسبة.

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.