منيمنة يطالب بوضع حد لسياسات سلامة النقدية: الإجراءات الأخيرة حولت المصرف المركزي الى مضارب في السوق السوداء
حفلت سوق القطع في أواخر العام الماضي بفوضى نقديّة، لا تعبّر إلا عن تشوّه ممنهج ومقصود في إدارة السياسة النقديّة اللبنانية. فبعد بيان المصرف المركزي، الذي وعد بتأمين الدولارات دون سقف بسعر المنصّة، تبيّن أن مستوردي المحروقات لم يتمكنوا من الحصول على الدولارات بالسعر المزعوم، ما أنتج أزمة المحروقات التي عانت منها البلاد خلال فترة العيد، قبل أن يتمّ تعديل جدول الأسعار ليتناسب مع سعر صرف السوق السوداء، وهو ما يثبت مجددا بأن طلب المستوردين للدولارات يتم تأمينه من السوق الموازية، دون أي دور فعلي للمنصّة في تأمين العملة الصعبة.
هذه الممارسات إذ تضرب صدقيّة المصرف المركزي وبياناته، تجعله أقرب إلى مضارب في السوق السوداء، عوض أن يمارس سياسة نقديّة مدروسة تتجه نحو ضبط سوق القطع.
في الوقت نفسه، تشير بيانات المصرف المركزي إلى أنّ منصّته قامت بتداول 262 مليون دولار خلال آخر يومين عمل من السنة الماضية، دون أن تتضح حتّى اللحظة آليّة بيع هذه الدولارات وفئات التجّار المستفيدين، بل وحتّى طريقة تحديد السعر الذي تغيّر ببيان من حاكم مصرف لبنان من 31200 إلى 38000 ليرة مقابل الدولار.
كما لا تتسم تحرّكات المصرف بالشفافيّة لجهة كيفيّة تحديد الشركات التي تعمل لصالحه في جمع الدولارات من السوق، أو كيفيّة تحديد هامش ربح هذه الشركات.
وأخيرًا، ثمّة تساؤلات كبيرة حول السند القانوني الذي سمح للمصرف المركزي بإنشاء سعر الصرف الجديد، بهذا الشكل الغامض والملبس.
إنّ كل ما جرى خلال الأيّام الماضية يدفعنا إلى رفع الصوت مجددا رفضا لهذه السياسات التدميرية. وعليه، إن السلطة التنفيذيّة مطالبة اليوم بمساءلة حاكم المصرف المركزي فورا، اتجاه طريقة إدارته للشأن النقدي، وكيفيّة اتصالها فعلًا بمسار توحيد سعر الصرف كما نصّ التفاهم على مستوى الموظفين مع صندوق النقد، رغم ادراكنا للتواطئ بين الحكومة وحاكمية مصرف لبنان. وهذه المسألة ستكون موضوع متابعة من قبلنا، ضمن دورنا الرقابي في المجلس النيابي. كما نطالب مجددًا بإعادة فتح النقاش حول خطّة التعافي المتكاملة، التي يفترض أن تندرج من ضمنها السلّة المتكاملة للمعالجات الماليّة والنقديّة، ومنها مسألة إدارة سوق القطع وضبط سعر صرف الليرة في السوق