الرئيس عون حضر قداس عيد الفصح المجيد في بكركي
طمأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اللبنانيين الى ان الانتخابات النيابية ستحصل في مواعيدها، والى ان التحضيرات جاهزة لذلك. واعتبر ان الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو من الأمور الإيجابية التي حصلت أخيرا و”لربما تشكل بدايته بداية لخروج لبنان من الهاوية التي يرزح تحتها”، “بالإضافة الى عودة الدول العربية اليه وكذلك سيادته الطبيعية كما كانت من دون بذل أي جهد”.
وأشار الرئيس عون في اعقاب الخلوة التي عقدها والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبيل القداس الحبري الذي اقيم في بكركي صباح اليوم لمناسبة عيد القيامة والفصح المجيد، الى ان زيارة قداسة البابا فرنسيس للبنان هي بركة وستتم وفق برنامج محدد، مؤكدا استمرار الامل بالانقاذ، فنحن “كمسيحيين نرقد تحت التراب على رجاء القيامة، ولن نيأس ونحن على قيد الحياة”.
واعتبر رئيس الجمهورية ان معرقلي تعيين رؤساء محاكم التمييز معروفون وكذلك معرقلي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت وهؤلاء أوقفوا مجلس الوزراء .
اما البطريرك الراعي، فاكد ان اللبنانيين الحقيقيين لا يريدون بديلا عن الدولة “ولا يريدون لها شريكا”، لافتا الى ارتياحهم لحصول الانتخابات النيابية في موعدها المقرر والى تصميم الرئيس عون الثابت على اجرائها “وهذا التصميم إيّاه تعملون به من أجل تأمين انتخاب خلفكم على رأس الجمهوريّة في موعده الدستوريّ”، وقال: “الكلّ يقدّر مساعيكم الهادفةَ إلى إقرارِ الموازنةِ العامّة والاتّفاقِ على خُطّةِ التعافي، وإلى إقرار الإصلاحاتِ كممر ضروريّ للنهوض بالبلاد، وإلى صوغِ العقدِ مع صندوقِ النقدِ الدَولي بعد إجراء التعديلات الضروريّةِ عليه ليتوافقَ مع الواقعِ اللبناني..لربما ي “، مشددا في هذا الاطار، على انه لا يجوز، تحت عنوان إنقاذِ لبنان، أن يَتمَّ تغييرُ هُويّة نظامِه الوطنيّ الاقتصاديّ التي لا تخضعُ لأي تسويةٍ دستوريّةٍ أو مساومة سياسيّة.
واعتبر انه لكي تأخذَ الإصلاحاتُ كاملَ مداها إنّما تحتاجُ إلى أن يرافقَها بسطُ سلطةِ الدولةِ على كامل أراضيها، وتوحيدُ السلاحِ والقرار، عملًا بقرارات مجلس الأمن، واعتمادُ الخياراتِ الاستراتيجيّة التي تُعزّزُ علاقاتِ لبنان مع محيطه العربي والعالم الديمقراطي. كما رأى انه من الواجب احترام سيادة الدول وحسن العلاقات معها، وتوقّف الحملات على هذه الدول الشقيقة، خاصّةً وأنّها حملات لا علاقة لها بمصلحة لبنان، بل بمصالح دول أجنبية.
الوصول والخلوة
وكان الرئيس عون وصل الى الصرح البطريركي قرابة التاسعة والدقيقة العشرين، حيث كان في استقباله عند المدخل الرئيسي المطارنة خليل علوان وبيتر كرم وانطوان عوكر وبولس الصياح، ثم توجه الجميع الى مبنى الصرح حيث كان في استقباله البطريرك الراعي، وتوجه الجميع الى الصالون لاستراحة قصيرة والتقاط الصور التذكارية قبل ان ينتقل الرئيس عون والبطريرك الراعي الى مكتب البطريرك حيث عقدا خلوة استمرت نحو خمسة وعشرين دقيقة عرضا خلالها للتطورات المحلية وآخر المستجدات.
تصريح الرئيس عون
وبعد الخلوة، صرح الرئيس عون للصحافيين فقال: “جئنا اليوم نحتفل بعيد القيامة وطبعا عايدت غبطة البطريرك الراعي ونعايد جميع اللبنانيين بهذا العيد، وان شاء الله تكون قيامة لبنان معه، لأننا اليوم نعيش مأساة صعبة تراكمت فيها المشاكل، اعيشها انا كما تعيشونها انتم وما اصابكم اصابني أيضا”.
وأضاف: “اطمئنكم كما اطمئن اللبنانيين ان الانتخابات النيابية ستحصل والتحضيرات كافة جاهزة لذلك، الا اذا حصل شيء لا سمح الله. ان اول سؤال يطرحه جميع اللبنانيين والأجانب علي هو اذا ما كانت الانتخابات ستحصل، وفي كل مرة اطمئنهم على انها حاصلة، كما اطمئن الجميع اليوم”.
وتابع الرئيس عون: “لقد حدثت اليوم أمور إيجابية ومنها الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي لربما تشكل بدايته بداية لخروج لبنان من الهاوية التي يرزح تحتها، بالإضافة الى عودة الدول العربية اليه وسيادته الطبيعية كما كانت من دون بذل أي جهد، ونتمنى عيدا سعيدا لجميع اللبنانيين”.
وردا على سؤال عن إيجاد حل لمراكز الاقتراع في الاغتراب، أجاب الرئيس عون: هذا السؤال يطرح على وزيري الداخلية والخارجية المسؤولين عن هذا الموضوع، حتى الان لم يطرح احد علي مشكلة من هذا النوع.
وعما يمكن ان يعرقل الانتخابات، أجاب رئيس الجمهورية: ان الانتخابات حاصلة فلماذا الافتراض انها غير حاصلة؟
سئل عن التشكيلات القضائية المتعلقة برؤساء محاكم التمييز وبيان وزير المال بالأمس الذي تحدث عن “خطأ أساسي” فيها، فأجاب: ليس هناك من خطأ أساسي بل هناك عرقلة ويجب ان تعلموا من يعرقل، فليتوقفوا عن الكذب عليكم.
سئل عما يقوله لأهالي شهداء مرفأ بيروت الذين حاولوا لقاءه وهم لا يعرفون حتى الان حقيقة من فجر مدينتهم، فأجاب: عليهم ان يتوجهوا الى معرقلي القضاء، وجميعكم تعلمون من هو المعرقل، فمن اوقف مجلس الوزراء؟ لماذ تسألون أسئلة تعرفون جوابها؟
وعن زيارة قداسة البابا للبنان، قال: نتمنى ان تتم بالفرح والامل والرجاء. ان قداسة البابا سيزور لبنان وفق برنامج سيطبق، وطبعا زيارته بركة للبنان.
وعما اذا لا يزال هناك من امل بانقاذ البلد، أجاب: اننا ونحن نعيد اليوم عيد القيامة لا يسأل هكذا سؤال، اننا كمسيحيين نرقد تحت التراب على رجاء القيامة، ولن نيأس ونحن على قيد الحياة.
القداس
ثم انتقل الرئيس عون الى كنيسة القيامة حيث حضر قداس الفصح الذي ترأسه البطريرك الراعي وعاونه فيه نوابه العامون المطارنة علوان وكرم وعوكر والصياح. وخدمت القداس جوقة اللويزة برئاسة الاب خليل رحمة.
وحضر القداس النواب: جبران باسيل، فريد الخازن، شوقي الدكاش، روجيه عازار، سيمون ابي رميا، والوزيران السابقان مروان شربل وندى البستاني، والنواب السابقون ناجي غاريوس، وليد خوري ونعمة الله ابي نصر، السفير البابوي في لبنان المطران جوزف سبيتيري، مدير عام رئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، مدير عام امن الدولة اللواء طوني صليبا، مدير المخابرات العميد الركن طوني قهوجي، قائد الدرك العميد مروان سليلاتي، رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق القاضي جان فهد، رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم، مدير عام مؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك، المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار، مدير عام مؤسسة المياه في بيروت وجبل لبنان جان جبران، رئيس الصليب الأحمر في لبنان الدكتور أنطوان الزغبي، نقيب المحررين جوزف القصيفي، رئيس مكتب مخابرات جبل لبنان العقيد طوني معوض، قائد منطقة جبل لبنان في قوى الامن الداخلي العقيد جهاد الأسمر وعدد من كبار الضباط والسفراء والقناصل ورؤساء البلديات والمخاتير وكبار الموظفين من مدنيين وعسكريين وقضاة وفاعليات سياسية واقتصادية واجتماعية ورجال دين وحشد من المؤمنين.
عظة البطريرك
وبعد الانجيل المقدس، القى البطريرك الراعي عظة جاء فيها:
“من تراه يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟” ( مر 16: 3)
فخامة الرئيس،
1. إنّه لمن دواعي السرور أنّكم، جريًا على العادة، تحتفلون معنا في هذا الكرسيّ البطريركيّ بعيد فصح الربّ الذي هو فصحنا، فالمسيح الإله مات ليفتدي خطايا كلّ إنسان يولد لامرأة، وقام ليبثّ الحياة الجديدة في كلّ مؤمن ومؤمنة. هذا العبور الفصحيّ بالموت والقيامة، أصبح فصحنا، بحيث أنّنا نموت عن الخطيئة وروح الشرّ، ونقوم إلى حالة النعمة؛ نموت عن حالة الأنانيّة، ونقوم إلى حال العطاء؛ نموت عن السعي إلى المصلحة الذاتيّة، ونقوم للإلتزام بالصالح العام.
نرفع معكم ومع كلّ هذه الجماعة المصلّية هذه الليتورجيا الإلهيّة ذبيحة شكر لله على الست سنوات التي تختتمون بها عهدكم على رأس الجمهوريّة اللبنانيّة. وقد اختبرتم أنّ يد الله الخفيّة تقود سفينة الوطن، ولا سيما عندما كانت تعصف رياح شديدة وأمواج عاتية، وتهدّدها بالغرق. فكانت النعمةُ من علُ تعضد ثباتكم وصمودكم.
2. إن تساؤل النسوة: “من تراه يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟” ( مر 16: 3)، “وكان الحجر كبيرًا” (متى 26: 60)، هو سؤال يطرحه شعبنا للخروج من الأزمة التي يعيشها، وهي خانقة على المستوى الإقتصاديّ والمالي والمعيشيّ كما تشعرون فخامتكم.
من حقّ اللبنانيّين أن يَنتقلوا إلى عهدِ القيامة، وقد طالت جُلجُلتُهم القصريّة، وطالت الهيمنةُ على واقعِهم ومصيرِهم، وتمادت عمليّةُ تشويه صورةِ لبنان البهيّة. إنَّ المؤمنين بلبنان يعيشون روحيًّا قيامةَ المسيح، لكنّهم لا يَشعُرون بقيامتِهم الوطنيّة وباستعادةِ العافيةِ والزمن الجميل.
إنّ عيونهم شاخصةٌ إلى المسيح القائم من القبر، ولكنّ قلوبَهم تحزن حزنًا شديدا إذ يَلمُسون عجزَ السلطةِ عن معالجةِ أوجاعِهم وجروحاتِهم ومآسيهم. فاللبنانيّون بأكثريّتهم يَرزحون تحت عبء الفَقرِ والعوزِ وفِقدانِ الطبابةِ والدواءِ والضماناتِ الاجتماعيّةِ وفُرصِ العمل وتَرنُّحِ الدولةِ وتعثّرِ الوِحدة وتفاقم الانهيار.
في زمنِ الإنتقال من الجلجلةِ إلى زمنِ دحرجةِ الحجَر، نرى بكلّ أسف غالِبيّةَ العاملين في الشأنِ العامِّ والمسؤولين عن الوطنِ والشعبِ يتصرّفون لا لإزاحةِ الحجرِ عن صدرِ اللبنانيّين بل لتَثبيته.
3. فكما المسيح، وهو الربُّ إلهُنا، افتدى بالصلبِ البشريّةَ من الخطيئةِ ووضَعها على الطريقِ السليم، هكذا يَتطلّعُ شعبُ لبنان المصلوبُ إلى الدولةِ لكي تَفتديَه بالحوكمةِ الرشيدةِ وحسنِ الأداءِ وصِحّةِ الخِياراتِ الوطنيّةِ والإصلاحاتِ المنتجة. ينتظر اللبنانيّون قيامتَهم من الدولةِ وفي الدولةِ، ويَتوقّعُون من المسؤولين والمتعاطين في الشأن السياسي أن يَضعوا وطنهم على سِكّةِ الخلاص بعد هذه العذابات التي لم يَشهدْوا مثلها من قبل، حتى في زمنِ الحروبِ والقصف والدمار. لا يريدُ اللبنانيون الحقيقيّون عن الدولةِ بديلًا، ولا يريدون لها شريكًا. إنّهم يَتوقون إلى اللحظةِ التي تُرفع الأيادي عن لبنان وتَنحسِرُ الهيمنةُ، ويسقطُ التسلّطُ، ويتوقّف تسييسُ القضاء، والإدارة وتعطيلهما من النافذين، وتَنتهي الازدواجيّةُ، وتُعلو المصلحةُ الوطنيّةُ على كلِّ المصالحِ الخاصّةِ والانتخابيّة… فلا يبقى سوى جمهوريةٍ واحدةٍ وشرعيّةٍ واحدة وسلاحٍ واحدٍ وقرارٍ واحدٍ وهُويّةٍ لبنانيّةٍ جامعة.
فخامة الرئيس،
4. إنّنا نسرّ معكم ببروز تباشير توحي بقرب دحرجة الحجر عن الوطن والشعب: فواعدة زيارة قداسة البابا فرنسيس للبنان في حزيران المقبل، وهي بمثابة جسر بين عهدكم وعهد من سيكون خلفكم. وسررنا بزيارتكم لحاضرة الفاتيكان في آذار الماضي ولما تبادلتم مع قداسته ومعاونيه من هموم وتطلّعات بشأن لبنان وشعبه.
والارتياح يعمّ جميع اللبنانيّين لتأكيد حصول الإنتخابات النيابيّة في موعدها المقرّر، وكان تصميمكم بشأنها ثابتًا على الرغم من محاولات الإطاحة بها من هنا وهناك. وهذا التصميم إيّاه تعملون به من أجل تأمين انتخاب خلفكم على رأس الجمهوريّة في موعده الدستوريّ.
الكلّ يقدّر مساعيكم الهادفةَ إلى إقرارِ الموازنةِ العامّة والاتّفاقِ على خُطّةِ التعافي، وإلى إقرار الإصلاحاتِ كممر ضروريّ للنهوض بالبلاد، وإلى صوغِ العقدِ مع صندوقِ النقدِ الدَولي بعد إجراء التعديلات الضروريّةِ عليه ليتوافقَ مع الواقعِ اللبناني، بحيث تأخذ توصياته في الاعتبارِ حقَّ المودعين بأموالِـهم، وحماية السريّة المصرفيّة، وخصوصيّةَ المجتمعِ اللبنانيِّ ونظامِ إقتصاده الليبراليّ، الذي شكلّ سرَّ نموِّ لبنان وازدهارِه؛ كما تأخذ في الإعتبار حماية حريّةِ اللبنانيّين، وتجنّب التأثيرِ على الاستثماراتِ وتمويلِ التصديرِ والاستيرادِ وتبادلِ التحويلات بين لبنان المقيم ولبنان المنتشر. فلا يجوز، تحت عنوان إنقاذِ لبنان، أن يَتمَّ تغييرُ هُويّة نظامِه الوطنيّ الاقتصاديّ التي لا تخضعُ لأي تسويةٍ دستوريّةٍ أو مساومة سياسيّة. إننا على ثقةٍ بأنكم، من موقِعكم كرئيسٍ للجُمهورية وحامي الدستور، ورمزِ البلاد، ستسهرون على كلّ ذلك بالتعاون مع الحكومة والمجلس النيابيّ.
في كل حال، لكي تأخذَ الإصلاحاتُ كاملَ مداها إنّما تحتاجُ إلى أن يرافقَها بسطُ سلطةِ الدولةِ على كامل أراضيها، وتوحيدُ السلاحِ والقرار، عملًا بقرارات مجلس الأمن، واعتمادُ الخياراتِ الاستراتيجيّة التي تُعزّزُ علاقاتِ لبنان مع محيطه العربي والعالم الديمقراطي. وفيما تعودُ الدول الخليجية تدريجًا إلى لبنان لتساهمَ في حركة استنهاضِه، من الواجب احترام سيادة الدول وحسن العلاقات معها، وتوقّف الحملات على هذه الدول الشقيقة، خاصّةً وأنّها حملات لا علاقة لها بمصلحة لبنان، بل بمصالح دول أجنبية.
فخامة الرئيس،
5. يسعدني باسم إخواني السادة المطارنة والأسرة البطريركيّة وسيادة السفير البابويّ وهذا الجمهور من وزراء ونوّاب ومسؤولين ومؤمنين، أن أقّدم لكم أطيب التهاني بالعيد مع التمنيات القلبيّة بأن يفيض الله عليكم نعمه وبركاته، لكي تصلوا بالبلاد إلى شاطئ الأمان، بنعمة المسيح القائم من الموت.
المسيح قام! حقًّا قام!
التهاني بالعيد
وفي الختام، هنأ الرئيس عون البطريرك الراعي والاساقفة بالعيد وغادر الصرح البطريركي عائدا الى قصر بعبدا.
df404r
mjt0m8